الجزائر: آن الأوان لتمرير الشعلة

بقلم ربيع الحصباني

 

الخبر

أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، البالغ من العمر 81 عامًا، والذي يتولّى السلطة منذ عام 1999، ترشحه المتوقّع لولاية خامسة في انتخابات أبريل / نيسان، على الرغم من إصابته بجلطة دماغية في عام 2013، ما أبقاه متواريًا عن أعين الناس لسنوات.

أثار هذا الإعلان احتجاجات في طول الجزائر وعرضها حيث نزل الآلاف إلى الشوارع محتجين على إعادة ترشح عبد العزيز بوتفليقة ومعربين عن رفضهم النظام السياسي الذي يعتبرونه فاسدًا برمته.

وفي يوم الأحد المنصرم، تعهد الزعيم المريض، الذي يخضع حالياً للعلاج الطبي في سويسرا، بعدم إكمال ولايته كاملةً إذا ما أُعيد انتخابه في أبريل / نيسان. ووعد في خطاب تلاه التلفزيون الرسمي بتنظيم “مؤتمر وطني” يحدد موعدًا لإجراء انتخابات مبكرة دون أن يطعن فيها.

وجاء في الرسالة التي قرأها مدير حملته بصوتٍ عالٍ “لقد نمت إلى مسامعي، وكلي اهتمام، آهات المتظاهرين، ولا سيما تلك النابعة عن آلاف الشباب الذين خاطبوني في شأن مصير وطننا.”

التحليل

غير أنّ قليلين يثقون بالرئيس بوتفليقة الذي نفّذ تعديلات دستورية قبل عقد من الزمن كي يتمكن من الترشح لولاية ثالثة كما أنّه وعد قبل خمس سنوات من الآن بتغيير الدستور وتسليم السلطة إلى القادة الشباب. ولم يفي بأيّ من وعوده.

يوم الاثنين، غمر الآلاف شوارع قسنطينة ومدن أخرى احتجاجًا على ولاية خامسة لبوتفليقة وردّد المتظاهرون بصوتٍ واحد “الجزائر جمهورية وليست مملكة“.

“من الناحية التاريخية كانت الاحتجاجات في الجزائر دائمًا تطالب بأشياء ملموسة يمكن للحكومة أن تستجيب لها – الصرف الصحي والمياه والكهرباء”، قال جيفري بورتر، المتخصص بشؤون شمال أفريقيا في أكاديمية ويست بوينت والرئيس التنفيذي لشركة استشارات حالات الخطر في منطقة شمال أفريقيا. وأضاف أنّ “الاحتجاجات هذه المرّة تدور حول النظام. ومن الصعب على الحكومة تغيير النظام السياسي بطريقة ترضي اهتمامات المتظاهرين.”

الاستياء من النخبة الحاكمة واسع وعميق، حيث يفتقر الكثير من الشباب والطبقة الوسطى الكادحة للإيمان بقادة البلاد. وقد تشير هذه الاحتجاجات إلى تحوّل ما بين الأجيال.

التأملات اللاهوتيّة والإرساليّة

إنّ قيادة الكنيسة متأثّرة إلى حدّ كبير بنماذج القيادة في المجال الاجتماعي السياسي الأوسع، وهذا ما يشكّل فهم الكنيسة للسلطة والنفوذ. ولقد بات رائجًا في العديد من الكنائس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يظلّ الرعاة في مناصبهم إمّا حتّى وفاتهم أو إلى أن يصبحوا عاجزين تمامًا عن القيام بمهام الرعاية. إنّ تتأثر الكنيسة بنظرة العالم وممارسات المجتمع الأوسع، بدلًا أن تؤثّر هي فيه.

نادرًا ما نرى نموذجًا صحيًا لتدريب القادة وتشكيلهم في كنائسنا حيث يتم إعطاء الشباب مساحة وفرصة لتطوير مهاراتهم ومواهبهم القيادية. بدلًا من رؤية الشباب كتهديد لسلطة القيادة الحالية، ينبغي النظر إليهم كفرصة، بل كضرورة لاستمرارية الكنيسة. إنّهم يقدّمون رؤية جديدة في الخدمة، وإذا تم تدريبهم جيدًا على أيدي القادة الكبار، يمكنهم المساهمة في انتشار الإنجيل عبر الأجيال.

نجد في الكتاب المقدس كلًّا من أنماط القيادة. في قصة شاول وداود، رأى شاول في داود تهديدًا له ورفض التخلي عن عرشه. وكانت النتيجة كارثية له ولحكمه. من ناحية أخرى، نرى في تلمذة بولس لتيموثاوس في العهد الجديد نموذجًا لحركة القيادة عبر الأجيال. أوكل بولس إلى تيموثاوس مهمة القيام بالزيارات الرعوية إلى كورنثوس وتسالونيكي ومكّنه أن يرعى كنيسة أفسس. علاوة على ذلك، يحث بولس تيموثاوس على تطوير آخرين وائتمانهم على تقدّم ملكوت الله: “وما سمعتَه منِّي بشهودٍ كثيرين، أودعه أناسًا أمناء، يكونون أكفاءً أن يعلِّموا آخرين أيضًا” (2 تيموثاوس 2 : 2).

إنّ الرعاة والقادة في كنائسنا ومنظّماتنا المسيحية مدعوون إلى اتباع نمطًا قياديًا عكس التيّار الثقافي السائد. هم مدعوون إلى رعاية الأشخاص الموثوق بهم من جيل الشباب وتمكينهم ليقودوا ليس فقط من بعدهم ولكن معهم أيضًا. تعاني العديد من الكنائس في المنطقة ندرة في القادة وحتى فجوات رعوية لا يستطيع سوى عدد قليل من الناس سدّها بسبب الافتقار إلى تشكيل القادة في هذه الكنائس. لقد آن الأوان لكي تعالج الكنيسة في جميع أنحاء المنطقة هذه القضية وأن تصبح مجتمعًا ينتج قادة مؤهلين لنقل الشعلة من جيل إلى آخر.