محنة السودان تعنينا
بقلم تريزا صفير
الخبر
مّر أكثر من شهر منذ اندلاع المظاهرات في جميع أنحاء السودان، مع تزايد الغضب من جرّاء الارتفاع الشديد في الأسعار وتدهور الاقتصاد. وقد اندلعت المظاهرات في ١٩ ديسمبر/كانون الأوّل ٢٠١٨ بعد قرار الحكومة برفع سعر الخبز ثلاث مرات من جنيه سوداني (٠،٠٢ دولار) إلى ثلاثة جنيهات سودانية (٠،٠٦ دولار). انهارت قيمة الجنيه السوداني بنسبة ٨٥٪ مقابل الدولار الأمريكي في العام الماضي، في حين ارتفع التضخم إلى ما يقرب من ٧٠٪ في سبتمبر/أيلول.
شارك بعض طلّابنا السودانيين مخاوفهم تجاه بلدهم. وفقا لأحد طالبنا، “الناس مثقلون للغاية، وقد وصلوا إلى حافة المعاناة. ونتيجة لذلك، نزلوا إلى الشارع.” طالب آخر يقول، “لقد أغلقت معظم المدارس في البلاد أبوابها منذ ذلك الحين. لقد أصبح كل شيء مكلفًا للغاية، ولم يعد بإمكان الأسر الفقيرة تحمّل الوضع.”
أفادت السلطات السودانية بوفاة ٢٤ مواطنًا في السودان، لكن جماعات حقوق الإنسان بما فيها هيومن رايتس ووتش تحدثّت عن وفاة أكثر من ٥٠ شخصًا. تم اعتقال أكثر من ألف شخص على مستوى البلاد. وفي الوقت نفسه، قال الرئيس السوداني عمر البشير، الذي يخطط للترشح للرئاسة مرة أخرى في عام ٢٠٢٠، لحشود من المؤيدين، “المظاهرات لن تغيّر الحكومة،” مضيفًا أن “هناك طريقًا واحدًا فقط للوصول إلى السلطة، وذلك من خلال صندوق الاقتراع.”
التحليل
وفقًا لأديلين فان هوت، المحلّلة في وحدة المعلومات الاقتصادية، فإنّ “موقف البشير لم يكن بهذا الضعف أبدًا. إذا شعرت قوى الأمن أن كفة ميزان القوّة تنقلب، لا يمكن ضمان ولائهم.” كان الجيش القوّة المهيمنة في السودان منذ استقلاله في عام ١٩٥٦. يأتي البشير من خلفية عسكرية، لكنّه أزال الجيش من موقع السلطة التقليدي، مستبدلاً ايّاها بالقوات البرلمانية الموالية له.
في خضّم المظاهرات الحاليّة، أظهر الجيش دعمه لقيادة البلاد، لكنّه لم يذكر البشير بالاسم. بينما تعمل قوّات الجيش على حماية منشآت الدولة، ولا تعيق المظاهرات. في بعض الحالات، كانت تدعم المتظاهرين. هل يمكن للجيش القيام بانقلاب وإزالة البشير؟ إذا كان الأمر كذلك، فهل سيحقق حكمها أي عدالة اجتماعية للبلاد؟ التاريخ الحديث للبلاد يدلّ على خلاف ذلك.
التأمل اللاهوتي والتوصيات الإرسالية
وفي تِلكَ الأيّامِ انحَدَرَ أنبياءُ مِنْ أورُشَليمَ إلَى أنطاكيَةَ. وقامَ واحِدٌ مِنهُمُ اسمُهُ أغابوسُ، وأشارَ بالرّوحِ أنَّ جوعًا عظيمًا كانَ عَتيدًا أنْ يَصيرَ علَى جميعِ المَسكونَةِ، الّذي صارَ أيضًا في أيّامِ كُلوديوسَ قَيصَر. فحَتَمَ التلاميذُ حَسبَما تيَسَّرَ لكُلٍّ مِنهُمْ أنْ يُرسِلَ كُلُّ واحِدٍ شَيئًا، خِدمَةً إلَى الإخوَةِ السّاكِنينَ في اليَهوديَّةِ. ففَعَلوا ذلكَ مُرسِلينَ إلَى المَشايِخِ بيَدِ بَرنابا وشاوُلَ. (أعمال 11: 27-29)
الفقر هو مشكلة مستمرّة في العالم العربي. كثيرًا ما نسمع عن المجاعات وانعدام الأمن. في مثل هذه الأوقات، تستطيع الكنيسة السودانية التغلّب على التحديّات المحليّة والإقليميّة من خلال وحدتها وامتدادها إلى الكنيسة العالميّة. لم تكن ظروف الكنيسة الأولى أسهل مما هي عليه اليوم. لم تزدهر من خلال العزلة ولكن من خلال توسعّها إلى أجزاء مختلفة من العالم. عندما تكون مجموعات الكنيسة في جميع أنحاء العالم منفتحة على بعضها البعض، فحينها تستطيع أن تقدّم المساعدة لبعضها البعض. بإمكانها أن تقدّم الموارد. من الضروري للكنيسة في السودان ألا تتورّط في النزاع السياسي، مسبّبةً انشقاقات داخلية. لقد حان الوقت لأن يتحّد أتباع المسيح السودانيين، مدركين أنهم بحاجة لبعضهم البعض وبحاجة إلى كنائس أخرى حول العالم أيضًا.