الاستجابة للاضطراب من خلال وحدة الكنيسة

بقلم شادن هاني

 

الخبر

بدهشة من الجميع، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي، أنّ جماعة الدولة الإسلامية المتشددة قد هُزمت في سوريا وانّ القوّات الأميركية سوف تعود إلى بلادها. هذا القرار بالانسحاب الوشيك من سوريا يُقلق الكثيرين في المنطقة، ويدفع إلى الخوف من فتح الطريق أمام نفوذ ايران المتنامي في الشرق الأوسط.

إنّ انسحاب ما يقارب الـ 2000 جندي أميركي من سوريا سيكون له تداعيات كثيرة على المناخ السياسي والعسكري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهذا بالتحديد ما شهدناه مؤخرًا من انقسامات سياسية حول استبعاد سوريا وليبيا من القمة الاقتصادية العربية التي استضافها لبنان الشهر الماضي.

التحليل

القوى الإقليمية والدولية ستكثّف جهودها لملء الفراغ الذي سينتُج عن الانسحاب الأميركي. روسيا، إيران، تركيا والجماعات الإسلامية سوف تتنافس لتأمين مصالحها في سوريا. روسيا من جهتها، ستكون لها اليد الحرّة لمواصلة دعم النظام السوري. من ناحية أخرى، تركيا ستمتلك فرصة حصولها على أنظمة أسلحة متقدمة، ما يخولها الحصول على صوتٍ حاسمٍ في مستقبل سوريا ويعطيها ممراً لمهاجمة وحدات “حماية الشعوب الكردية” التي كانت الحليف المباشر للولايات المتحدة في محاربة قوّات داعش، والتي تعتبرها تركيا منظمات إرهابية. إسرائيل أيضًا سيكون لها نصيب من الضرر إذ سوف تواجه احتمال تزايد الوجود الإيراني على حدودها. ومن المخاوف الإقليمية الإضافية لهذا الانسحاب، عودة اصطفاف قوات داعش المتفرقة حاليًا.

أخيرًا، كما اوردنا آنفًا، هذا الانسحاب الأميركي يمنح إيران فرصة الحفاظ على وجود عسكري واستخباراتي في سوريا. فهي، كونها اللاعب الرئيس في سوريا، تمارس نفوذها في المنطقة من خلال دفع حلفائها في لبنان إلى مقاطعة القمة الاقتصادية العربية بهدف مواجهة النفوذ السني المدعوم من المملكة العربية السعودية.

التأملات اللاهوتية والانعكاسات الإرسالية

واجهت الكنيسة العديد من حالات الاضطراب الأمني والسياسي عبر التاريخ. لكن الكتاب المقدس يخبرنا أنّ “يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد” (عب 8:13). الله أمين، لقد حافظ على كنيسته في الشرق الأوسط لأسباب تتجاوز مفاهيمنا. وحدة الكنيسة من شأنها أن تتجاوز الانقسامات التي نراها تحدث في النسيج السياسي والاجتماعي في الشرق الأوسط. فالسياسة لديها برنامجها الخاص، وهو التنافس على تقاسم السلطة والثروة، لكي تفرّق وتسود. الكنيسة من ناحيتها، عليها أن تعمل من أجل الوحدة في خضّم الانقسامات المتوارثة، وأن تُبقي الاضطرابات والاصطفافات السياسية خارج الكنيسة.

” لأنّه متى قال واحد أنا لبولس وآخر أنا لأبلوس أفلستم جسديين. فمن هو بولس ومن هو لأبلوس بل خادمان أمنتم بواسطتهما وكما أعطى الرب لكلّ واحد.” (1كورنثوس4:3-5).

الوحدة، في وسط التنوع، هي أساس إيماننا في الثالوث المقدّس الذي يجب أن ينعكس في حياتنا وعلاقاتنا. الكنائس في لبنان وسوريا هي الأداة التي يجب أن تعكس هذه الوحدة، بالتعاون مع الكنيسة العالمية. فالانسحاب السياسي والعسكري لا يعني بالضرورة انسحابًا إنسانيًا بل العكس هو الصحيح، عليه أن يعكس التضامن مع الكنيسة المحلية ودعم خدمتها بهدف تعزيز جسد كنيسة يسوع المسيح، بتواضع وخدمة باذلة للعالم المحيط.