المشاركة الإيجابية للكنيسة في حياة الشباب من أجل مستقبل مشرق
بقلم شادن هاني
الخبر
“طلاب للتغيير” هو اسم الحملة الانتخابية لطلاب الجامعة الأميركية في بيروت من أجل الفوز بمقاعد في لجنة طلاب-الكلّية. “كن التغيير الذي تريد رؤيته في الحرم الجامعي” هو اسم حملة الجامعة اللبنانية الأميركية لانتخابات الهيئة الطلابية. كما توجّه طلاّب جامعة سيدة اللويزة الى مراكز الاقتراع لانتخاب أعضاء الاتحاد الطلّابي للعام الدراسي 2018-2019. ومن الملفت أنّ التحزّب الطلابي في الجامعات يعكس صورة الأحزاب في الحياة السياسية الواقعية في لبنان. مع ذلك، نرى أنّ تركيز هذه الانتخابات هو على مشاركة الطّلاب في القضايا الجامعيّة والأكاديمية أو في أمور تتعلّق بسير الأمور الطلابية بدلًا من التعامل في الأمور السياسية المحلية.
في بداية كلّ عام دراسي، تُشرك الجامعات في لبنان طلّابها في دورات تدريبية عن الديبلوماسية والحكم، وتُشرف على سير العملية الانتخابية في الجامعات التي تتم تحت إشراف الجمعية اللبنانية للانتخابات الديمقراطية لضمان السلوك الديمقراطي والأخلاقي بين الطلّاب.
يضم لبنان أقدم الجامعات في الشرق الأوسط، والتي يعود تاريخها إلى عام 1866 عندما تأسست الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) التي كانت تُدعى سابقًا “الكليّة السورية البروتستانتية”. اليوم، ثمة 42 مؤسسة للتعليم العالي في لبنان التي تعمل على تزويد الشباب اللبناني بالمهارات الأكاديمية والتدريب على أسس المواطنة لكي يصبحوا مساهمين ناشطين في مجتمعاتهم.
التحليل
التعليم هو ركيزة أساسية لمستقبل مشرق وناجح. المجتمع السليم يقوم على أشخاص أكفّاء يمارسون قانون المحاسبة للقادة ويعملون من أجل الخير العام. تُعتبر الجامعات بتنوعها نموذجًا صغيرًا للمجتمع اللبناني. فعلى المستوى الجامعي يتعرّف معظم الطلاب في لبنان على التنوع الطائفي والسياسي، حيث يبدأون باكتشاف الواقع المعقّد للوضع الطائفي والسياسي والاجتماعي في لبنان. هنا أيضًا يبدأون بتطوير خطط مستقبلية لحياتهم، إمّا الاستثمار في التغيير الإيجابي في بلدهم أو مغادرة لبنان وتكوين مستقبل خارجه.
هل نحن على دراية كافية بالأهمية الاستراتيجية لهذ المرحلة من حياة الشباب اللبناني؟ تدرك الأحزاب السياسية أهمية هذه الفئة العمرية وتقتنص الفرصة لغرس ايديولوجياتها في طلاب الجامعات لأهدافها الخاصة، في حين أنّ واجباتنا تجاه هؤلاء الطلاب أن نغذّي فيهم القيم الاجتماعية الإيجابية. إذا كنّا نأمل في مجتمع سليم وحياة سياسية سليمة، فإنّ المدارس والجامعات على حدّ سواء تتحمّل مسؤولية تعليم الطلاب ثقافة المحاسبة وتجاوز الطائفية ومكافحة الفساد بدلًا من تعليمهم فقط كيفية إجراء الانتخابات.
التأمل اللاهوتي
نقرأ عن العديد من شخصيات الكتاب المقدّس الذين كُلّفوا في سنّ مبكرة بتنفيذ إرادة الله على المستوى الوطني. ومن الأمثلة البارزة على ذلك: يوسف، صموئيل، داود وأستير من بين آخرين. ويبقى دانيال خير نموذج لشباب اليوم من حيث مشاركته في الحياة الاجتماعية والسياسية المتميّزة في الإمبراطورية البابلية الوثنية مع المحافظة على ولائه التام لله. دانيال كان شابًا مثقفًا تم أسره من قبل الملك البابلي نبوخذ نصّر. بالرغم من تعرضّه لتغيرات اجتماعية جذرية، إلا أنه تمكّن من الحفاظ على ثباته والتزامه بالشريعة. يمكننا أن نتخيل كم تعرّض دانيال لمواقف ضاغطة من قبل الملوك والحكّام في عصره، لكنّنا نعرف أنّه لم يساوم على إيمانه في الله الواحد وفي الحفاظ على حياة البرّ والتقوى والأعمال الحسنة. كان نزيهًا أمينًا لأسياده، قدّم لهم مهاراته العديدة ووظّفها لصالح المجتمع البابلي. وفي الوقت ذاته، كان إخلاصه وشكره المستمر لله على تعاملاته وإحساناته له مصدر إعجاب لغير المؤمنين من حوله ولم يتوانَ عن إرجاع الفضل لله على قدراته (دانيال28:2).
دانيال اليوم هو كلّ شباب لبناني مثقّف يستطيع أن يخدم مجتمعه من خلال تطبيق مبادئ الملكوت وأخلاقياته مع الحفاظ على مشاركته النشيطة في الحياة الاجتماعية والسياسية في لبنان.
التأمّلات الإرساليّة
الكنيسة مؤهلة أن تعلّم كلمة الله وأن تتلمذ الناس بأمانة. فإذا أردنا من الشباب أن يُحدثوا تغييرًا في العالم، هل تعيّ الكنيسة في لبنان أهمية هذه الفئة العمرية وقدرتها على تحسين المجتمع وتغييره؟
الكنيسة في لبنان لديها دور في التواصل مع الطلاب الجامعي الشاب من خلال خدمات الشبيبة المتنوعة التي تقدّمها في الجامعات. بالإضافة إلى ذلك، يمكنها أيضًا تدريب الشبيبة في الكنيسة كي يكونوا مؤثرين في جامعاتهم ومشاركين استباقين في الحياة الاجتماعية والسياسية في لبنان. إرسالية الكنيسة هي أن تهتم أكثر بتدريب الشباب والوصول إلى الطلاب الجامعي من مختلف الخلفيات الاجتماعية، وإشراكهم في دورات تدريبية حول مواضيع مثل المواطنة، السلوكيات والقيم الأخلاقية، البرّ، والفرق بين أخلاقيات الملكوت والأخلاقيات العامة.
كما نرى في النص الكتابي، يمكن للشباب أن يكونوا مؤثرين بعمق. ولكي نوظّف هذه العناصر المهمة لتحسين المجتمع، على الكنيسة أن تتقدّم وتأخذ مبادرة تدريبهم. فابتكارهم وحدسهم اللذان يأتيان على نحوٍ طبيعي لكونهم شباب، إذا ما اقترنا بالقيم الصحيحة والشخصية الأخلاقية يمكن أن يساهموا بالتغيير الإيجابي من أجل مجتمع متطور ومنسجم.