2021: بداية جديدة؟
كان عام 2020 عامًا مضطربًا ومربكًا، إلّا أنّه كان عامًا عجائبيًا قادنا إلى اختبار جرعات جديدة من محبة الله وعنايته. ومع ذلك، نحن بغنًى عن القول أنّنا جميعًا سعداء لأن نشهد نهاية عام 2020. لكن هل سيكون عام 2021 أفضل؟ وإبّان إجراء تقييم سريع للوضع يتبيّن لنا أنّه من غير المرجح أن يكون أفضل من سلفه. فلبنان ما انفكّ يغرق في دوّامة الانحدار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وعدوى فيروس كورونا المستجد تخرج عن نطاق السيطرة ولا لقاح بعد يلوح في الأفق؛ بالإضافة إلى ازدياد خطر اندلاع حرب إقليميّة.
عادةً ما تكون بداية العام الجديد وقتًا نتأمّل فيه في الماضي ونتخذ قراراتٍ وخططًا جديدة للمستقبل. لقد تعوّدنا على توقّع نوعًا من البدايات الجديدة في مطلع كلّ عام. هل من الممكن توقّع بداية جديدة هذا العام؟ ما الذي يمكن أن يضمن أن يكون عام 2021 أفضل من عام 2020؟
أحبّ استخدام خطط قراءة الكتاب المقدّس بين الحين والآخر. هذا يدفعني إلى مراجعة كلّ مقطع في الكتاب المقدس. إحدى خطط القراءة المفضّلة لدي خطّة روبرت موراي مشين والتي تمرّ على العهد الجديد والمزامير مرّتين وبقيّة الكتاب المقدس مرّة واحدة على مدار العام.
تبدأ خطّة مشين في الأوّل من كانون الثاني (يناير) بقراءة من سفر التكوين 1، ومتّى 1، وعزرا 1، وأعمال الرسل 1. وهذا الاختيار مناسب تمامًا لبداية العام. تُصوّر المقاطع الأربعة شكلاً من أشكال البدايات الجديدة. تكوين 1 يدور حول بداية كلّ شيء. متّى 1 يدور حول ولادة يسوع، بداية جديدة مفتاحيّة في تاريخ البشرية. عزرا 1 يدور حول العودة من السبي والدعوة لإعادة بناء الهيكل، بداية جديدة أخرى في تاريخ شعب الله. ويمثّل سفر أعمال الرسل 1 بداية الكنيسة.
ما الذي يجعل هذه البدايات الجديدة استثنائيّة لدرجة أنّنا ما زلنا نقرأ عنها حتّى يومنا هذا؟ يبدأ تكوين 1 بعبارة "في البدء خلق الله"، وتبدأ كلّ فقرة في باقي الفصل بعبارة "خلق الله" أو "قال الله" أو "بارك الله" أو "رأى الله". من الواضح جدًا أنّ من كان يقوم بالعمل هو الله. متّى 1 يسرد ولادة يسوع المسيح. قصّة تجسّد الله الذي بدأه الله نفسه ونفذّه. يبدأ كاتب سفر عزرا بالتأكيد للقارئ أنّ القصّة التالية كانت "عِندَ تَمامِ كلامِ الرَّب". تبدأ القصة بتحريك الرّب قلب كورش. مثال آخر على مبادرات الله. ثمّ في أعمال الرسل 1، عندما كان يسوع على وشك الصعود إلى السماء، أوضح لتلاميذه أنّهم لن يفعلوا أيّ شيء أو يذهبوا إلى أيّ مكان حتّى يحلّ عليهم الروح القدس وينالوا قوّة.
لذلك الجواب بسيط. ما جعل هذه البدايات الجديدة بارزة هو أنّها كانت من صنع الله وتنفيذه، وبإرشاد الله وقوّته. ما جعل عام 2020 بارزًا هو أنّنا تمكّنا من اختبار عمل الله في خدمتنا ومن خلالها وسط ضيقتنا. وعلى غرار العام المنصرم فإنّ ما يجعل عام 2021 بارزًا هو الله.
لدينا الكثير لنتطلّع إليه في كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة. نحن نطلق برنامجًا مدمجًا جديدًا، برنامج البكالوريوس المدمج في اللاهوت. ونواصل تعزيز وزيادة إمكانية الوصول إلى برنامج الشهادة في الخدمة عبر الإنترنت. كما يواصل برنامج الماجستير في العلوم الدينيّة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقديم تجربة فريدة للطلاب العرب وغير العرب وإعدادهم لخدمة فعّالة في المنطقة. وحاليًا نُعيد تشكيل محادثات الشرق الأوسط ومدونة معهد دراسات الشرق الأوسط لمعالجة الوقائع الجديدة والمتغيّرة في منطقتنا. ونعيد هيكلية صنع السلام وتحويلها من مبادرات لتصبح النواة التي تحدّد جوهر كليّتنا. نحن نستخدم هياكل وأنظمة جديدة من شأنها تمكين برامجنا المتغيّرة. وسنستفيد من العلاقات والشراكات الجديدة والمتجددة التي ستوسّع نطاق برامجنا وتأثيرها.
كلّ هذه الأمور تشكّل تغييرات جذريّة في كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة. ولكن ما الذي يضمن أنّ هذه التغييرات ستفتتح بداية جديدة حقيقيّة في كليّتنا؟ ما الذي سيضمن نجاح كلّ هذه الخطط والاستراتيجيات؟ بالتأكيد الظروف ليست مواتية، ومن غير المحتمل أن تتحقّق في عام 2021. لا بدّ أن يكون الله هو العامل الأساس. كلّ تخطيطاتنا لا طائل من ورائها إذا لم يكن الله هو البادئ والمُمَكِّن.
لذلك، فإنّ أولويّتنا القصوى لعام 2021 هي التمييز الجماعي، حيث يصغي مجتمع كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة بأكمله إلى الله ويتبع قيادته بأمانة. هذا هو سبب وجودنا، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها الاستدامة وحتّى التقدّم. إنّه لامتياز عظيم بالتأكيد أن نكون سفراء للمسيح في وسط هذا العالم المظلم ونحمل فرح الله وسلامه ورجائه إلى الناس من حولنا وتدريب الآخرين على فعل الأمر نفسه.
نتطلّع إلى عام 2021، بغضّ النظر عما يحمله، لأنّنا نثق بالله.
"َيتَّكِلُ هَؤُلاءِ عَلَى مَرْكَبَاتِ الْحَرْبِ، وَأُولَئِكَ عَلَى الْخَيْلِ. أَمَّا نَحْنُ فَنَتَّكِلُ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ إِلَهِنَا." (مزمور 20: 7)
ايلي حدّاد، رئيس الكليّة
يناير/كانون الثاني 2021
عادةً ما تكون بداية العام الجديد وقتًا نتأمّل فيه في الماضي ونتخذ قراراتٍ وخططًا جديدة للمستقبل. لقد تعوّدنا على توقّع نوعًا من البدايات الجديدة في مطلع كلّ عام. هل من الممكن توقّع بداية جديدة هذا العام؟ ما الذي يمكن أن يضمن أن يكون عام 2021 أفضل من عام 2020؟
أحبّ استخدام خطط قراءة الكتاب المقدّس بين الحين والآخر. هذا يدفعني إلى مراجعة كلّ مقطع في الكتاب المقدس. إحدى خطط القراءة المفضّلة لدي خطّة روبرت موراي مشين والتي تمرّ على العهد الجديد والمزامير مرّتين وبقيّة الكتاب المقدس مرّة واحدة على مدار العام.
تبدأ خطّة مشين في الأوّل من كانون الثاني (يناير) بقراءة من سفر التكوين 1، ومتّى 1، وعزرا 1، وأعمال الرسل 1. وهذا الاختيار مناسب تمامًا لبداية العام. تُصوّر المقاطع الأربعة شكلاً من أشكال البدايات الجديدة. تكوين 1 يدور حول بداية كلّ شيء. متّى 1 يدور حول ولادة يسوع، بداية جديدة مفتاحيّة في تاريخ البشرية. عزرا 1 يدور حول العودة من السبي والدعوة لإعادة بناء الهيكل، بداية جديدة أخرى في تاريخ شعب الله. ويمثّل سفر أعمال الرسل 1 بداية الكنيسة.
ما الذي يجعل هذه البدايات الجديدة استثنائيّة لدرجة أنّنا ما زلنا نقرأ عنها حتّى يومنا هذا؟ يبدأ تكوين 1 بعبارة "في البدء خلق الله"، وتبدأ كلّ فقرة في باقي الفصل بعبارة "خلق الله" أو "قال الله" أو "بارك الله" أو "رأى الله". من الواضح جدًا أنّ من كان يقوم بالعمل هو الله. متّى 1 يسرد ولادة يسوع المسيح. قصّة تجسّد الله الذي بدأه الله نفسه ونفذّه. يبدأ كاتب سفر عزرا بالتأكيد للقارئ أنّ القصّة التالية كانت "عِندَ تَمامِ كلامِ الرَّب". تبدأ القصة بتحريك الرّب قلب كورش. مثال آخر على مبادرات الله. ثمّ في أعمال الرسل 1، عندما كان يسوع على وشك الصعود إلى السماء، أوضح لتلاميذه أنّهم لن يفعلوا أيّ شيء أو يذهبوا إلى أيّ مكان حتّى يحلّ عليهم الروح القدس وينالوا قوّة.
لذلك الجواب بسيط. ما جعل هذه البدايات الجديدة بارزة هو أنّها كانت من صنع الله وتنفيذه، وبإرشاد الله وقوّته. ما جعل عام 2020 بارزًا هو أنّنا تمكّنا من اختبار عمل الله في خدمتنا ومن خلالها وسط ضيقتنا. وعلى غرار العام المنصرم فإنّ ما يجعل عام 2021 بارزًا هو الله.
لدينا الكثير لنتطلّع إليه في كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة. نحن نطلق برنامجًا مدمجًا جديدًا، برنامج البكالوريوس المدمج في اللاهوت. ونواصل تعزيز وزيادة إمكانية الوصول إلى برنامج الشهادة في الخدمة عبر الإنترنت. كما يواصل برنامج الماجستير في العلوم الدينيّة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقديم تجربة فريدة للطلاب العرب وغير العرب وإعدادهم لخدمة فعّالة في المنطقة. وحاليًا نُعيد تشكيل محادثات الشرق الأوسط ومدونة معهد دراسات الشرق الأوسط لمعالجة الوقائع الجديدة والمتغيّرة في منطقتنا. ونعيد هيكلية صنع السلام وتحويلها من مبادرات لتصبح النواة التي تحدّد جوهر كليّتنا. نحن نستخدم هياكل وأنظمة جديدة من شأنها تمكين برامجنا المتغيّرة. وسنستفيد من العلاقات والشراكات الجديدة والمتجددة التي ستوسّع نطاق برامجنا وتأثيرها.
كلّ هذه الأمور تشكّل تغييرات جذريّة في كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة. ولكن ما الذي يضمن أنّ هذه التغييرات ستفتتح بداية جديدة حقيقيّة في كليّتنا؟ ما الذي سيضمن نجاح كلّ هذه الخطط والاستراتيجيات؟ بالتأكيد الظروف ليست مواتية، ومن غير المحتمل أن تتحقّق في عام 2021. لا بدّ أن يكون الله هو العامل الأساس. كلّ تخطيطاتنا لا طائل من ورائها إذا لم يكن الله هو البادئ والمُمَكِّن.
لذلك، فإنّ أولويّتنا القصوى لعام 2021 هي التمييز الجماعي، حيث يصغي مجتمع كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة بأكمله إلى الله ويتبع قيادته بأمانة. هذا هو سبب وجودنا، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها الاستدامة وحتّى التقدّم. إنّه لامتياز عظيم بالتأكيد أن نكون سفراء للمسيح في وسط هذا العالم المظلم ونحمل فرح الله وسلامه ورجائه إلى الناس من حولنا وتدريب الآخرين على فعل الأمر نفسه.
نتطلّع إلى عام 2021، بغضّ النظر عما يحمله، لأنّنا نثق بالله.
"َيتَّكِلُ هَؤُلاءِ عَلَى مَرْكَبَاتِ الْحَرْبِ، وَأُولَئِكَ عَلَى الْخَيْلِ. أَمَّا نَحْنُ فَنَتَّكِلُ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ إِلَهِنَا." (مزمور 20: 7)
ايلي حدّاد، رئيس الكليّة
يناير/كانون الثاني 2021
