توازن بين التأييد والنقد تجاه الخطاب الديني في مصر

بقلم عماد بطرس

 

الخبر 

شارك فضيلة الدكتور أحمد الطيب إمام مصر الأكبر في المؤتمر العالمي “جسور السلام، حوار الأديان والثقافات“، المنعقد في مركز المؤتمرات في مدينة بولونيا الأيطالية في 14 – 16 تشرين الأول/أكتوبر. وكان فضيلته قد مُنِحَ وسام الأكاديمية الأعلى من قِبَل جامعة بولونيا التي هي الجامعة الإيطالية الأقدم في أوربا، وذلك لجهوده في “تعزير قيم السلام والتسامح بين جميع الناس من مختلف الأديان والثقافات، والإشادة بالمبادرات العديدة التي قام بها بهدف فتح قنوات للحوار والتواصل بين المؤسسات الدينية في جميع أنحاء العالم”. حدد الطيَب في خطبته أسباب الصراع العالمي، المتمثل في سوء استخدام السلطة وتجارة السلاح وفي الأموال التي تُنفق على الحرب بدلاً من الدين. وصرّح أنّ لا علاقة للدين بقتل الأبرياء. بل على العكس، الدين يشجّع ويدعم السلام وحقوق الإنسان والانفتاح على الثقافات الأخرى. وفي نهاية خطبته حثّ الطيب المجتمع الدولي على تقديم المساعدات للفقراء والأرامل وحماية الضعفاء.

التحليل

تذكرنا لغة خطاب الطيب بالجدل المستمر في القرن الحادي والعشرون حول “دور الدين وأهميته” كحلّ للصراع وتعزيز للسلام. علاوةً على ذلك فإنّ لهجة الخطاب تحاول على نحوٍ دفاعي أن تحمي وتدافع عن الدين ولاسيما الدين الإسلامي لاعتباره مسببًا للعنف في عالمنا اليوم. في حين أنّ كلمات الطيب تبدو واعدة، وتضع جدول أعمال نابض بالحياة لتعزيز السلام والتسامح والقبول. يتحدى واقع عالمنا اليوم مثل هذه الخُطَب ويثير أسئلة حول كيفية تجاوب أتباع يسوع المسيح لخطاب كهذا.

التأملات اللاهوتية 

عند التفكير في مثل هذا النوع من الخطابات، نتذكر كيف شجّع يسوع جمهوره على الاستماع إلى كلمات القادة الدينيين طالما كانت كلماتهم تتوافق مع إرادة الله (متى 23: 3أ). في الوقت نفسه، تحدَّى يسوع جوانب الدين المؤذية والمؤسساتية وسلوك القادة الدينيين: كلمات بلا أفعال، سوء استخدام السلطة، والاستغلال الاقتصادي (متى23: 1 – 39). بعبارة أخرى، بينما نعمل لنعكس قلب الله لخليقته من خلال السلام والتسامح والمصالحة وإظهار التعاطف مع الفقراء والأرامل، فإنّنا مدعوون الى التأمل والتفكير الذاتي ومساءلة أنفسنا إلى أي مدى تتطابق ممارساتنا وأفعالنا مع كلماتنا. تتحدى تعاليم يسوع المؤسسات والقادة الدينيين لكي يفكروا بجدية في الطرق العملية لتنفيذ القيم التي يروّجون لها، وفي الوقت ذاته تدعم وتشجع كلماته المؤمنين على الانخراط والمشاركة في الفهم والتمييز النقدي لما يسمعونه ويرونه.

الانعكاسات الإرسالية

لقد دفعت تجربة بعض المسيحيين وخبرتهم في الشرق الأوسط إلى تقويض قيمة مثل هذه الخطابات، لأنّها في أحيانٍ كثيرة لا تعكس الحقائق الحية المُعاشة على أرض الواقع. إلاَّ أنّ مثل هذه المواقف السلبية تجاه خُطب القادة المسلمين الإيجابية والسلمية تقيِّد مشاركة الكنيسة الإيجابية في هذه المواقف. على الرغم من أهمية الاستماع النقدي الى مثل هذه الخُطب، إلّا أنّه على الكنيسة أن تأخذ زمام المبادرة في البناء عليها بشكل إيجابي. ينبغي النظر الى مثل هذه الخطابات على أنّها فرصة مهمة للكنيسة لبناء جسور مع أولئك الذين نتقاسم معهم قِيَمًا مشتركة لكي نرى الناس والمجتمعات تتجدد وتتصالح لمجد الله. وهذه هي رؤيتنا ومهمتنا وإرساليتنا ككلية اللاهوت المعمدانية العربية إلى جانب مهمتنا في إعداد رجال ونساء مخلصين لخدمة الكنيسة في العالم العربي.