بقلم تريزا صفير
الخبر
لأوّل مرّة منذ انقلاب عام ٢٠١٣ ضدّ الرئيس محمد مرسي، والذي أوصل عبد الفتاح السيسي إلى السلطة، اندلعت الاحتجاجات السياسيّة في مصر يوم ٢٠ أيلول/ سبتمبر. أنتج محمد علي، رجل الأعمال والممثل المصري، الذي كان يعمل في مشاريع البناء مع الجيش سلسلة من الفيديوهات التي أودت إلى الاحتجاجات. في مقاطع الفيديو، اتهّم علي، الذي يعيش الآن في إسبانيا، الجيش والسيسي بإهدار أموال الدولة على الفنادق الفاخرة والقصور الرئاسية الأمر الذي لمس عددًا كبيرًا من المصريين الذين يعيشون في فقر.
صرّح السيسي بأنه لم يكن يبني القصور لنفسه، بل لصالح مصر. وقال في مؤتمر للشباب في منتصف أيلول/ سبتمبر “كل هذا باسم مصر”. وما جعل المظاهرات محطّ انتباه هو أنّها كانت دعوة واضحة على مستوى البلاد إلى مغادرة السيسي. اعتُقِل أكثر من ٣٦٠٠ شخص وفقًا للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
في ٢٠ تشرين الثاني/نوفمبر، قال محمد علي في مقابلة أنّه أطلق خطّة جديدة لتنسيق حركة معارضة مكرّسة لإنقاذ الاقتصاد المصري والديمقراطية: “خطتي هي بدء مبادرة سياسيّة في الشهر المقبل في لندن لمحاولة توحيد المعارضة السياسيّة داخل البلاد وخارجها […] سأطلق خطّة إصلاح مع بعض الخبراء في السياسة والقطاع الصحي والتمويل والتعليم والإعلام. سأدعو جميع الخبراء في مصر للانضمام إلى هذه الحملة.”
التحليل
على الرغم من دعوته للمعارضة، أوضح علي خلال مكالمة هاتفية مع روبرت فيسك أنه لا يدعم جماعة الإخوان المسلمين. يقول: “لقد كان رجلاً صالحًا ولكن ساذجًا – كنت من أوائل الأشخاص الذين وصلوا إلى ميدان التحرير للاحتجاج ضده”. ثم أضاف: “الشيء الذي جعلني ضدّ مرسي – كان يطلب علنًا الخلافة الإسلامية في مصر. ما كنت أريده هو بلدًا عصريًا.” توفي مرسي، الذي كان قيد المحاكمة منذ الإطاحة به، في حزيران/يونيو ٢٠١٩ أثناء احتجازه في السجن الانفرادي. في عهد السيسي، تضاءل تأثير جماعة الإخوان المسلمين في مصر. ومن جهة أخرى، أقامت قطر وتركيا علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين، ويعيش العديد من أعضاء الجماعة المنفيين في هذين البلدين.
قبل وقت طويل من تسجيل مقاطع الفيديو الخاصّة بعلي، بدأت صورة السيسي كمنقذ تفقد بريقها في مصر، لا سيّما بعد أزمة العملة وارتفاع الأسعار في عام ٢٠١٦. في ١ تشرين الأوّل/ أكتوبر، أعرب السيسي عن تفانيه في الاستجابة لصرخات الفقراء في مصر. وقد أعاد ١٨ مليون مصري إلى قوائم الدعم. غير أنّ هذا غير كافٍ. من ناحية أخرى، يقول أنصار السيسي أنه نجح بنشر الاستقرار المطلوب. لقد قاموا بتغييرات دستورية تسمح للرئيس عبد الفتاح السيسي بتمديد حكمه حتى عام ٢٠٣٠. وجاء معظم القادة المصريين من الجيش، ولم ينته حكمهم بالتصويت، بل بالموت أو الانتفاضة أو الانقلاب.
التأمل اللاهوتي والانعكاسات الإرسالية
فأجاب بطرس والرسل وقالوا ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس (أعمال ٥ :٢٩).
في ضوء هذه الأحداث، نحتاج إلى قول الحقيقة بجرأة مهما كان موقفنا. ولأننا نخدم إلهًا لا نراه، نجد الأمان أحيانًا في إرضاء قوى هذا العالم وسلطاته – سواء كان ذلك عن وعيٍ أو غير وعيٍ – للحفاظ على الذات. عند القيام بذلك، ننسى أنّ ولاءنا الأساسي هو لله وحده، وله وحده السيادة الكاملة. يجب أن نطيع الله أولًا مهما كان الثمن. وبالتالي، لا يجب على الكنيسة في مصر أن تنحاز في الشؤون السياسية، بل يجب أن تكون مستعدة للتكلّم بموضوعية ضدّ أي خطأ، ولكن الأهم من ذلك هو أن تتحدث عن الصواب. ومع ذلك، يجب أن نتوقّف ونعترف بكلّ تواضع أنّنا لا نفهم بصورة كاملة كفاح الكنيسة في مصر ومدى تمتّعها بحرية معالجة قضايا العدالة في البلاد علنًا. في جميع الحالات، يجب أن تكون الكنيسة على استعداد أن تتألّم من أجل الحقيقة، غير منقادة بالدوافع أو الحسابات البشرية، ولكن بحكمة الروح وإعلان كلمة الله.