نظرة كتابيّة للآخَر: الإسلام، القرآن، محمدّ هو كتاب جديد تمّت صياغته مع أخذ هذه الوقائع بعين الاعتبار. يتضمّن الكتاب مجموعة مقالات مأخوذة من المحادثات السّابقة التي استضافها معهد دراسات الشّرق الأوسط، والتي تغوص غمار الحاجة إلى فهم لاهوتي متطوّر للإسلام وأصوله ونصّه المقدّس. يقدّم هذا الكتاب نسيجًا ذا حبكة متينة من أعمال العلماء الإنجيليّين عن الإسلام والكتاب المقدّس وعلم اللّاهوت وعلم الإرساليّات، ويدمج الكتاب أيضًا بين البحث العلمي وممارسة الخدمة العملية، ما يوفّر إطارًا ثريًّا للكنيسة لمواصلة محادثاتها حول الخدمة بين المجتمعات المُسلمة في جميع أنحاء العالَم.
في 10 كانون الأوّل/ ديسمبر، اختتمت محادثات الشّرق الأوسط سلسلة ندواتها بإطلاق نظرة كتابيّة للآخَر لتيسير محادثة رفيعة المستوى بين كبار العلماء المسيحيّين في الإسلام. استضاف مرتان عقّاد، بغية استكشاف هذا الموضوع كُلًّا من إيدا غلاسر، كولن شابمان، و دانيال براون.
شاهد فيديو الندوة عبر الإنترنت المتوفر على قناة كلية اللاهوت المعمدانيّة العربيّة على يوتيوب
مُلخّص النّدوة
استهلّ مرتان عقّاد، مضيف النّدوة ومحرّر الكتاب المحادثة من خلال تقديم الأساس المنطقي لـ نظرة كتابيّة للآخَر. أقرّ بأنّ الخطاب حول اللاهوت المسيحي للإسلام ينطوي على العديد من القضايا المثيرة للجدل المتأصّلة في الافتراضات حول المعتقدات، والتّقاليد، وأتباع الديانات الأخرى. وبالتّالي تمّ تبنّي الفرضيّة التالية: كلّما كانت وجهة نظرك أكثر سلبيّة تجاه دين الآخَر، قلّ احتمال قبولك للأرضية الترابط معهم؛ ومع ذلك، فكلّما زاد استعدادك لرؤية دين الآخَر بكلّ تنوّعه وتعقيداته، زاد استعدادك للتّواصل المستمرّ معهم. يبني الكتاب على هذا المنطق من خلال طرح مناقشته في إطار مقاربة إعلانيّة للعلاقات المسيحيّة الإسلاميّة التي 1) تركّز على شخص المسيح بدلًا من الديانة المسيحيّة، 2) تحمل فضائل الاحترام والمحبّة، 3) تدعو لموقف نبويّ وأمانة علميّة في دراسة الدّين. شارك عقّاد أنّ هذه الرّكائز الثّلاث تؤسِّس للرّوح والنبرة للنّظرة الكتابيّة للآخَر. وهي مجموعة متعدّدة التّخصصات تنظر في أبعاد الإسلام العديدة من منظورات أكاديميّة وشخصيّة متنوّعة. والنّتيجة هي مورد مُبتَكر للعلماء وممارسي الخدمة المسيحيّة على حدٍّ سواء.
انضمّ إلى مرتان العلماء الأجلّاء إيدا وكولين ودانيال لمواصلة مناقشة نظرة كتابيّة للآخَر. حَدّد حوارهم السُّبل التي يساهم بها الكتاب في خطاب لاهوتي مسيحي حول الإسلام، وقدّموا تمحيصًا دقيقًا لعناصره المثيرة للجدل. شارك كلّ مساهم من خلال خبراته الطّويلة في مجال الفضول الأكاديمي حول الإسلام والاحترام الشّخصي للمسلمين. وينطلق تفكيرهم من القناعات الراسخة بالإيمان بالمسيح والرغبة الصّادقة في رؤية الشّهادة المسيحيّة مُعزّزة في واقع عصرنا.
ذكّرنا المتحدّثون بضرورة إعادة التّفكير في فهمنا للدّين. بالنّسبة للكثيرين، يتطلّب ذلك تطبيعًا للعالَم الدّيني؛ لا تكفي قاعدة أكاديميّة إنجيليّة واحدة للحفاظ على الانقسام المسيحي – العلماني عند فهم الإسلام والمسلمين. تمتلك المسيحيّة أدوات قيّمة لإعادة التّفكير هذه. الكتاب المقدّس هو نصّ كُتِبَ من أناس ولأشخاص من سياقات دينيّة عميقة، وهو بدوره مستوحى لتعزيز فهمنا للإسلام اليوم. إنّ تطبيع التديُّن يُقَوِّض على نحو فعّال العديد من البُنى الإشكاليّة للديانات الأخرى لأنّ الدّين لم يعد أساسًا للآخَر.
سلّط النقاش الضّوء على الحاجة إلى موقف متواضع عند التّعامل مع الإسلام. على الرّغم من تقدير التّواضع في التّفاعل مع المسلمين على المستوى الشّخصي، إلّا أنّ الالتزام بالتّواضع الفكري بعيد المنال. لا يُعْرَف سوى القليل من المصادر غير الإسلاميّة عن الإسلام المبكّر، محمّد التّاريخي، وظهور القرآن. ومن منظور المؤرِّخ النّزيه، فإنّ أصول الإسلام مُبهمة. غير أنّ الدّراسات المسيحيّة تخفق في الاعتراف بذلك، لكنّها في المقابل تُفرط في استقراء ما هو معروف عن الدّين، ما يؤدّي بسهولة إلى تصوُّر للإسلام مُفرط الثّقة، وللأسف، غير دقيق. إنّ تبنّي واقع أنّ الكثير من الأصول الإسلاميّة لا تزال مجهولة، يُعزِّز على نحو فعّال التّواضع الفكري الذي ينتج عنه كرم الضّيافة. إنّ موقفًا كهذا يحمي من فخّ المنافسة الدّينية – وهي روح تتغلغل في كثير من الأحيان في الخطابات الدينيّة – من خلال الدّعوة إلى الحوار الدّيني وتشجيع التّعاون في المجال الاجتماعي.
لاحظت حلقة النّقاش أنّ كتاب نظرة كتابيّة للآخَر لا يُقدِّم إجماعًا جماعيًّا أو اتّفاقًا فكريًّا. ثمّة نقاط لا يتردّد صداها مع الجميع لا سيّما في معالجة علم دراسة الخلاص، لكنّ هذه المسألة لا تؤخَذ على أنّها نقطة ضعف. يتمّ تحديد مسألة الخلاص كمجال ذي مضامين مهمّة على الفهم اللاهوتي للدّين، وثمّة ما يُبرِّر المزيد من الجهد لاستكشاف الفروق الدّقيقة في هذه العقيدة في الفهم المسيحي للإسلام.
غطّت النّدوة العديد من الأسئلة الهامّة الأخرى وذكّرتنا بأنّ كتاب “نظرة كتابيّة للآخَر” يهدف إلى إقامة مناقشة عاجلة بدلًا من تقديم الكلمة الفَصْل. عزّز المتحدّثون طوال المحادثة النقطة التي مفادها أنّ العلاقات الشخصيّة الأصيلة مع المسلمين تُشكّل أساسًا لبناء أيّ فهم حقيقي وجدّي للإسلام. يهدف الكتاب والنّدوة إلى إلهام وإعداد المفكّرين والممارسين على حدٍّ سواء لتعميق علاقاتهم مع أتباع الدّيانات الأخرى أثناء مشاركتهم في المساعي المُثمرة للإيمان والشّهادة والاكتشاف.
تسعى الندوة عبر الإنترنت لمحادثات الشرق الأوسط لعام 2020 إلى طرح الأسئلة والنظر في الأفكار بغية الاعتراف بالتحدّيات وتحديد الفرص المتاحة للشهادة المسيحيّة الأمينة. شاهِد الندوة عبر الإنترنت وتابِع المحادثة التي يسّرها مرتان و إيدا و كولن و دانيال ، واستمِرّ في المناقشة من خلال مشاركة الأسئلة والأفكار في قسم التعليقات أدناه.