المنظمات ذات الأساس الإيماني والمصلحة السياسية العالمية: السودان كحالة دراسيّة
فبراير 4, 2021
الحدود السياسية في الشرق الأوسط: شوكة في خاصرة الإرساليّة
فبراير 18, 2021

حركة المرور وتواريخ انتهاء الصلاحية وطاعة المسيح

بقلم لولوة المعلوف

هل سبق لك أن قدت سيّارة في بلد فوضوي مع إدارة سيئة لحركة المرور؟ تتطلّب قيادة السيّارة في لبنان مستوى جديدًا من التركيز والوعي المكاني. عندما تجلس في مقعد السائق في لبنان، يجب أن تتحوّل إلى ما هو أشبه ببطل خارق، مثل دارديفيل أو سبايدرمان. تتأهب حواسك وتبدأ بالعمل معًا. عليك أن تتوقع بسرعة تحركات أولئك الذين يقودون آلياتهم من حولك. على سبيل المثال، عندما تكون إشارة المرور خضراء، فأنت بحاجة إلى التحقق ما إذا كان الشخص الذي على الممر الأيمن بجوارك سيسرع أمامك للانعطاف يسارًا أو إذا كان الشخص الذي على الممر الأيسر بجوارك سوف ينعطف يمينًا. عند التقاطع، ستحتاج أيضًا إلى التحقق ما إذا كانت السيارات المقابلة تعترف بضوئها الأحمر أو إذا كانت السيارات القادمة من الشارع عند نقطة التقاطع تتجاهل إشارات المرور وتقرّر أنّ دورها قد حان للانعطاف. تحتاج أيضًا إلى التحقق ما إذا كان هناك شرطي سير يقف في مكان ما ويعطي توجيهات للسيارات التي لا تسير حسب إشارات المرور. باختصار، في لبنان، يتم التعامل مع قوانين القيادة على أنّها مجرّد اقتراح.

ليس فقط قوانين القيادة في لبنان مجرّد اقتراح. نظرًا للواقع الحالي، أصبحت تواريخ انتهاء صلاحية الأدوية والمواد الغذائية مجرّد اقتراحات أيضًا. مع التضخم الذي يؤدّي إلى أسعارٍ غير معقولة – إضافة إلى الإغلاق العام القاسي والمتكرّر – لا تفكّر العائلات اللبنانية في التخلّص من علبة من الأسبرين منتهية الصلاحية. ففي نهاية المطاف، من يدري متى سينقرض الأسبرين في لبنان؟ وماذا عن المواد الغذائية؟ حسنًا، القاعدة الآن هي أنّه إذا كان الشيء يبدو جيدًا ورائحته طيّبة، فيمكنك تجاهل تاريخ انتهاء صلاحيته. ببساطة ابتعد عن الطعام الذي تنبعث منه رائحة كريهة أو تخرج منه حشرات!

إنّ الظروف المعيشية المروّعة في جميع أنحاء لبنان المحسوس بها بصورة هائلة في مدينة طرابلس شمال لبنان حيث عاد المتظاهرون إلى الشوارع مؤخرًا. بعض اللبنانيين، على غرار الكثيرين الذين يعيشون في طرابلس، لا يتمتعون حتّى بـ “امتياز” تناول طعام منتهي الصلاحية. يعتمدون على العمل اليومي لتوفير الخبز والطعام لأسرهم. وسلسلة الإغلاق الأخيرة لم تساعد في ظروفهم. بالعودة إلى تشرين الأوّل/ أكتوبر 2019، كانت الاحتجاجات حفلات رقص؛ أمّا اليوم أضحت أعمال شغب. لكن يبدو أنّ النخبة اللبنانية الفاسدة لا تحرّكها حفلات الرقص ولا أعمال الشغب والشهداء. وسواء كان هؤلاء الحكّام مدعومين بأيديولوجياتهم أو حساباتهم المصرفيّة أو أتباعهم الذين يقاتلون بصورة عمياء من أجلهم، فإنّهم يبدون عازمين على البقاء في مناصبهم إلى الأبد.

لكن هل سيبقون إلى الأبد؟ يعلّمنا التاريخ أنّ أعظم الحكّام يسقطون في النهاية. ماذا إذًا؟ إلى أن يتغيّر الحكام ويرخي نظام القوانين المتساهلة الفاسدة قبضته عن معاناة الناس، ما هي بعض الأشياء التي يمكن أن تفعلها الكنيسة في لبنان وفي أيّ مكان آخر؟

  1. أتشجّع دائمًا بالكنائس المصليّة التي لا تستسلم! يعرفون أين يكمن إيمانهم، ويعرفون وجه من يطلبون. سقطت أسوار أريحا العالية بالتسبيح. يؤمن البعض أنّ جدار برلين سقط بسبب الصلاة. نعم، يجب أن نصلّي من أجل القادة الحاليين (تيموثاوس الأولى 2: 1-4)، لكنّنا نحتاج أيضًا إلى الصلاة من أجل قادة أتقياء جدد، وقوانين إلهية، وانتقالات تقيّة. يمكننا أن نتعلّم من التاريخ الحديث للبلدان المجاورة لنا والتاريخ الأقل حداثة من بلدان أخر كيلا نقع في الفخ نفسه حيث تتبع نهاية الأنظمة الفاسدة سنوات من السقوط للبلاد وشعبها. ليس من الجيد أن يحلّ عثليا محل أخزيا (أخبار الأيام الثاني 22). دعونا نصلي من أجل حزقيا بعد آحاز (ملوك الثاني 16، 18)، ويوشيا بعد آمون (2 ملوك 21، 22). لكن لنتذكر أيضًا أنه سواء كان عثليا أو آحاز أو حزقيا أو يوشيا، فإنّ ولاءنا وطاعتنا للمسيح. هو وحده تمّم إرادة الآب.
  2. بالنسبة لأولئك المسيحيين الذين يكافحون خلال هذه الأوقات وعلى وشك الاستسلام، يمكننا أن نتعلّم ممّا اختبره بولس وكتب عنه في فيلبي 4. “قَدْ تَدَرَّبْتُ أَنْ أَشْبَعَ وَأَنْ أَجُوعَ، وَأَنْ أَسْتَفْضِلَ وَأَنْ أَنْقُصَ”، نستطيع كلّ شيء في المسيح الذي يقوّينا. قد نعيش في دولة ذات اقتصاد متهاوٍ، أو في بلد مزدهر. في كلتا الحالتين، يمكننا أن نتمتّع بعطايا الله ونخدمه بما لدينا. لذا، دعونا نحتفل ببركاته ونشارك الرجاء الذي لدينا.
  3. هل نضع إيماننا في الحكومة ونتوقّع منها أن تكون كنيسة المهمشين؟ بالطبع نحن بحاجة إلى تحميل الحكومة المسؤولية، ولكن لا شيء يمكن أن يحلّ محلّ الكنيسة في محبة الناس أثناء خدمتهم والاهتمام باحتياجاتهم الروحية والجسدية. نحن نشهد العديد من القصص مثل هذه. يذكّرنا بطرس في أعمال الرسل 10 أنّ الله مسح يسوع بالروح القدس والقوّة، وأنّ يسوع جال يفعل الخير ويشفي جميع المتسلّط عليهم إبليس. اليوم، كجسد المسيح، علينا أن نجول في عمل الخير وشفاء جميع المُتسلّط عليهم الشيطان. الروح القدس نفسه يعمل من خلالنا اليوم.
  4. صلّوا من أجل فرص عمل مجتمعنا بأمسّ الحاجة إليها. الحاجة ماسّة. إنّ قضايا الوباء والقضايا الاقتصادية متشابكة، وتؤدّي إلى تعقيد الحلول. صلّوا لحكمة لأولئك الذين يعملون لتقديم الحلول.

وإلى أن يأتي المسيح مرّة أخرى، طوبى للكنائس التي تخرج من منطقة الراحة الخاصّة بها وتخدم مجتمعها ولا تتوقع شيئًا في المقابل. طوبى لمن يشبهون المسيح في عطائهم وتضحياتهم، والذين لا يعيقهم أولئك الذين يستغلّون لطفهم. طوبى لفلسي الأرملة.

لولوة هي مديرة الشراكات في كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة؛ تعيش في لبنان وتخضع لقوانين السير.

اترك رد