القرارات الصعبة والانسجام الصحي: استعارة التفكير في المهن كـ”فرقة موسيقيّة”
أبريل 29, 2021
هل نعيش حياة مزدوجة؟: الجنس والمال والسلطة والإنجيل
مايو 13, 2021

رمضان كريم: أفكار للمسيحيين حول الانخراط مع المسلمين في رمضان

بقلم عبد الكريم زين الدين

المسلمون حول العالم في الأسبوع الأخير من رمضان. كثير من المسيحيين الذين أعرفهم، ولا سيّما الإنجيليين، لا يميلون للتعامل بصورة إيجابيّة مع المسلمين. الإسلام والمسلمون غالبًا ما يُصوَّرون بصور نمطيّة وتتم شيطنتهم في أعين المسيحيين. لكن لماذا؟ وكيف نهتم بجيراننا المسلمين، خاصة في شهر رمضان؟

كتابع للمسيح من خلفية إسلامية، أتذكّر رمضان عندما كنت طفلاً. أتذكّر كيف اعتاد والداي إعداد الطعام لوجبة العشاء (الإفطار)، والامتناع عن الأكل والشرب من شروق الشمس إلى غروبها، ثم الاجتماع معًا عند غروب الشمس لتناول الإفطار بمجرّد سماع “ضربة المدفع”. كان الطعام رائعًا! كان كوليمة امتدت ثلاثين يومًا! بعد ذلك، كانوا يشاهدون مسلسلاتهم الرمضانية المفضلة معًا وهم يتحدثون عن كيفية مرور يومهم. بعد منتصف الليل وقبل شروق الشمس، كان والداي يستيقظان مرّة أخرى ويتناولان وجبة خفيفة وكميّة كبيرة من الماء بينما يعدّان نفسيهما ليوم آخر من الصيام. أتذكّر أيضًا أنّ والدي كان يصلّي بشغف خاص خلال شهر رمضان. أمّا والدتي فكانت تقرأ القرآن كاملاً في رمضان. نعم، هذه ذكريات لها حنين بالنسبة لي، لكّنها أيضًا أكثر من ذلك.

 بطبيعة الحال لدي مشاعر إيجابية تجاه رمضان لأنّني أربطه بالعائلة (والطعام!). غير أنّني أعتقد أنّ جميع المسيحيين يجب أن يكون لديهم مشاعر وسلوكيات إيجابية تجاه جيرانهم المسلمين أيضًا. إليكم السبب لذلك من الكتاب المقدس. لاحظوا أنّني لا أبحث عن “نصوص لإثبات فكرتي”، ولكن عن بعض الإرشادات الكتابيّة.

أولاً، الوصيّة العظمى واضحة. تحب الله وتحب قريبك كنفسك (متى 22: 37-40). وحتّى بالنسبة لأولئك الذين يعتبرون المسلمين أعداء لهم، يدعوهم يسوع أن يحبّوا أعداءهم (متى 5: 43-48).

ثانيًا، في لوقا 2: 46-47، نلتقي بيسوع في سن الثانية عشرة جالسًا مع معلمي الشريعة اليهود في الهيكل. ترتيب الأحداث مثير للاهتمام. كان يسوع جالسًا بينهم، يستمع إليهم، ويسألهم أسئلة. لقد اندهشوا من فهمه واندهشوا من إجاباته.

كان يجلس بينهم ويبني علاقات، يستمع إليهم قبل أن يتحدّث إليهم، ويطرح عليهم الأسئلة، كان يجتهد ليفهمهم بعمق وبتمييز. لقد اندهشوا من فهمه (أي الحكمة والذكاء) وليس مجرد علمه، فهو يفهم ما يهمهم ولا يتكلّم إلّا بعد الاستماع وطرح الأسئلة. علاوة على ذلك، أذهلوا من إجاباته. كانوا يسألونه أيضًا أسئلة وكان يجيب. يجب أن يتضمّن النهج الشبيه بيسوع تجاه ديانات مجتمعنا حوارات تعزّز التفاهم المتبادل. بالطبع، ثمة نصوص أخرى في العهد الجديد تشير إلى فكرة مماثلة. في رومية 12، يحثّ بولس الكنيسة على الاستجابة بمحبة للمجتمع الأوسع، وفي 1 بطرس 2 ثمة دعوة للكنيسة للعيش بسلام مع المجتمع.

ثالثًا، علينا أن نحافظ على مواقفنا تحت السيطرة. في تكوين 20: 1-8، كذب إبراهيم عندما كان يتعامل مع أبيمالك، لكن الله صدم إبراهيم عندما كلّمه من خلال أبيمالك. تعلّم أبرام درسًا في ذلك اليوم. “إِنِّي قُلْتُ: لَيْسَ فِي هذَا الْمَوْضِعِ خَوْفُ اللهِ الْبَتَّةَ” ثمة العديد من التأملات الكتابية الأخرى حول سبب حبّنا لجيراننا المسلمين، خاصة خلال شهر رمضان (متى 7: 1-5، 12، 2 تيموثاوس 2: 23-26، أعمال 10: 1-48)، ما ورد يعكس الاتجاهات الكتابية العامّة.

على الرغم من أنّ الموقف هو نقطة انطلاق مهمّة، إلّا أنّ المحبّة يجب أن تنتقل من عالم الموقف إلى السلوك الملموس. كيف يمكننا إذًا أن نحبّ جيراننا المسلمين في الأسبوع الأخير من رمضان هذا العام، أو طوال شهر رمضان في السنوات القادمة؟

أولاً، إذا كان لديك أصدقاء أو أقارب مسلمون، فلماذا لا تحضر إلى الإفطار وتفطر معهم. يرحّب بي والداي وأقاربي بحرارة عندما أنضم إليهم لتناول الإفطار. نحن نتمتّع معًا بوجبة جيدّة وأحاديث جميلة. ماذا عن دعوة المسلمين إلى إفطار تعدّه لهم؟ كان يسوع يقيم علاقات صادقة مع مجتمعه، وقد نجح في ذلك في معظم الأوقات (مرقس 2: 13-17، يوحنا 4: 1-42).

ثانيًا، تمنّى لهم رمضانًا مباركًا. غالبًا ما يصبح الصيام من شروق الشمس حتّى غروبها مع الحفاظ على روتينهم اليومي مرهقًا لكثير من المسلمين. إنّه يعني الكثير لجيراننا المسلمين عندما يسمعون أحد أتباع المسيح يكرمهم باحترام أوقاتهم المقدّسة خلال شهر رمضان. بالطبع، هذا لا يعني أنّه بصفتك من أتباع المسيح، فأنت بالضرورة تؤمن بما يؤمنون بشأن الصوم. غير أنّ ذلك يدلّ على أنّك تحترمهم في وقتهم المبجّل.

ثالثًا، تحدي التحيز ضدّ المسلمين برفق. كما ذكرت آنفًا، بالنسبة للعديد من الإنجيليين، فإنّ الأديان الأخرى هي عمل الشيطان، وقد تجد طريقة التفكير هذه صدى داخل جدران بعض كنائسنا، ولكن ماذا عن دورنا في التواصل مع جيراننا المسلمين في الشأن العام؟ خلال شهر رمضان، يجب أن نذكّر أنفسنا – والآخرين – بأنّ المسلمين يبذلون قصارى جهدهم لطاعة الله، وبالتالي علينا أن نتذكّر أن نتراجع عن تنميط المسلمين ورهاب الإسلام. كم هو رائع أن تُعرَف الكنيسة بكرمها وحسن ضيافتها في التعامل مع جيراننا المسلمين؟

رابعًا، صلّي من أجلهم. “امْنَحْ عَبِيدَكَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِكَلاَمِكَ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ، بِمَدِّ يَدِكَ لِلشِّفَاءِ…” أعمال الرسل 4: 23-31. على الرغم من أنّه في سياق الاضطهاد، وهو ليس الموضوع الذي نناقشه هنا، كانت الكنيسة تصلّي: (1) ليس من أجل الحماية ولكن من أجل مشاركة الإنجيل دون خوف و(2) لكي يكون الله فاعلًا في حياة الآخرين للمس حياتهم بأعجوبة. لنتذكّر أن نصلي من أجل جيراننا المسلمين خلال شهر رمضان لتتأثّر حياتهم بالإنجيل.

بصفتي من أتباع المسيح من خلفيّة إسلاميّة، أتطلع إلى شهر رمضان من كلّ عام. إنّه يوفّر لي فرصة كبيرة لمشاركة محبّة الله في المسيح مع عائلتي وأصدقائي المسلمين، ويسمح لهم بمشاركة محبّتهم لي. ما هو أفضل وقت أو مكان لمشاركة محبّة المسيح أكثر من تناول وجبة مشتركة؟

عبد هو أستاذ مساعد في الخدمة الراعوية في كليّة للاهوت المعمدانيّة العربيّة. وهو عضو في كنيسة الناصري ويستمتع بمشاهدة الأفلام والتنزّه.

اترك رد