كيس فان دير كنيف
إيمان القيامة
فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضاً التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ وَرَأَى فَآمَنَ (لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ). يوحنا ٨:٢٠-٩
ما هو إيمان القيامة؟ هل هو نوع الإيمان الذي يعلم كلّ شيء؟ هل هو إيمان قوي ومفرط في الثقة والذي يعلن دائمًا انتصار يسوع ويرّكز على وعده بالبركة الماديّة؟
عند دراسة يوحنا ٢٠، وهو إصحاح مليء ببراعة يوحنا المعتادة والمتعمّدة، أدهشني ترتيب الآيات ٨ و٩. أولاً، يخبرنا كيف دخل يوحنا أخيرًا إلى القبر. كيف نظر حوله وبدأ يؤمن. هذا بالتأكيد هو إيمان القيامة: الوقوف في القبر الفارغ والإيمان.
وبعد ذلك، مباشرة بعد هذه الآية، يذكّرنا يوحنا بأمر آخر: ما زالوا لا يفهمون. أنا أحبّ هذا الترتيب. هذا أيضًا إيمان القيامة: الوقوف في القبر الفارغ، والإيمان، دون فهم كامل.
كان من المنطقي أكثر أن نقلب ترتيب العبارات. لتذكير القرّاء بأنّ التلاميذ لم يفهموا بعد بصورة كاملة، ولكنّ الآن، في القبر الفارغ، يبدأ يوحنا بالإيمان. ومع ذلك، اختار الكاتب عن عمد الترتيب المعاكس. ليس علينا أن نفهم كلّ شيء حتّى نبدأ في الإيمان. لا يتعيّن علينا معرفة كلّ شيء.
إيمان القيامة ليس إيمانًا ظافرًا، بل إيمانًا متواضعًا. يعرف إيمان القيامة أنّك لن تفهم بصورة كاملة.
من المعروف أنّه مع عيد الفصح تغيّر كلّ شيء، لكنّنا ما زلنا أيضًا نعيش في “ما بين الفداء والاكتمال” حيث قد حلّ ملكوت الله وننتظر اكتماله.
في خضّم هذا التوتر بين الآيتين 8 و 9، في تجربة الإيمان من دون فهم كامل، يتبع إيمان القيامة هويّة الشّخص الذي قام: يسوع المُقام هو ليس إلّا يسوع المصلوب، والمسيح المصلوب ليس إلّا المسيح المُقام.
داستن إلينغتون
خطوة نحو الجليل
“لَكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ.” “هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ .فَخَرَجْنَ سَرِيعاً وَهَرَبْنَ مِنَ الْقَبْرِ لأَنَّ الرِّعْدَةَ وَالْحَيْرَةَ أَخَذَتَاهُنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئاً لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ.” – مرقس 7:16-8.
إنّ مرقس 16: 8 هي طريقة مفاجئة لإنهاء الإنجيل، حيث تهرب النساء خوفًا بعد رؤية القبر الفارغ وسماع الملاك يعلن أنّ يسوع قد قام. تشير معظم الأدلّة من المخطوطات القديمة إلى أنّ هذه هي النهاية الحقيقيّة لإنجيل مَرقُس، وليس 16: 9-20. إنّه لمن الجدير أن نتّأمل في سبب انتهاء مرقس ليس بظهور يسوع ولكن بوعد أن يراه تلاميذه، وليس باستجابة إيمان بل بالفرار والخوف.
لقد قام يسوع. هذا يعني أنّ كلّ شيء قد تغيّر بالنسبة لهؤلاء النساء اللواتي ذهبن باكرًا يوم الأحد إلى القبر لدهن جسد يسوع بالطيب. ومع ذلك، يقول مرقس إنّهن التقين بما رأينه وسمعنه برعدة وخوف وصمت. يتحدّث مَرقُس كثيرًا عن الاثني عشر الذين لم يفهموا يسوع. غالبًا ما تقمن النساء بعمل أفضل. هذه المرّة، حتّى استجابتهن لم تكن ملائمة.
في بعض الأحيان نحن أتباع يسوع نستجيب بصورة ضعيفة. نخفق في تلقّي الأخبار السّارة، كما لو أنّها لا تتوافق تمامًا مع توقعّاتنا. نحن لا نستوعبها. أحيانًا تكون مخاوفنا أكبر من بشرى القيامة والوعد المليء بالرجاء. لنكن على دراية أنّه، حتّى في عيد الفصح، بالكاد قد يتمسّك بعض المؤمنين بالرّجاء.
ومع ذلك فإنّ كلمات الوعد تبقى: “هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ…” بغضّ النّظر عمّا نشعر به، نحن مدعوون للتقدّم نحو الجليل – حيث علّم يسوع التّلمذة. ونحن نستجيب، نتقدم نحو التّلمذة، سنرى يسوع المقام. إنّه وعد.”[1]
للوة المعلوف
طلب الحقيقة
أَجَابَ يَسُوعُ: «أَنْتَ تَقُولُ إِنِّي مَلِكٌ. لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي.» – يوحنا 18 :37
“نريد الحقيقة”. كانت هذه واحدة من ثلاثة مطالب رئيسة لأكثر من مليون لبناني احتشدوا للتظاهر بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق عام 2005. مرّت سنوات عديدة، لكنّ هذا المطلب ومطالب كثيرة أخرى على منواله ما زالت دون تلبية. يكافح العالم بحثًا عن الحقيقة. من ناحية يدّعي البعض أنّ لديهم الحقيقة؛ يقترح البعض الآخر أنّ الحقيقة أمر نسبي ولكلّ شخص حقيقته الخاصّة.
ونحن على مشارف الاحتفال بعيد الفصح، يتحوّل ذهني إلى بيلاطس الذي ردّ قائلاً: “ما هي الحقيقة؟” هذا كان بعد أن أجابه يسوع في يوحنا 18 :37.
هل نتصرّف أحيانًا مثل بيلاطس؟ نطرح أسئلة حيث تكون الإجابة نصب أعيننا؟ بينما نتذكّر موت المسيح وقيامته، آمل أن نتذكّر أمرين:
في عيد الفصح هذا، آمل أن تتغيّر صرخة اللبنانيين إلى من طلب الحقيقة فقط إلى طلب الحقّ هاتفين “نريد الطريق والحقّ والحياة”.
إيلي حدّاد
قوّة القيامة
“لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهاً بِمَوْتِهِ” فيليبي ١٠:٣.
أراد بولس أن يعرف المسيح، ليس فقط لاهوتيًا، ولكن أيضًا علائقيًا واختباريًا. لقد أراد أن يختبر عمليًّا الحقّ الذي عرفه، وأن يختبر قوّة قيامة المسيح.
بالنسبة لبولس، كان هذا يعني التخلّي عن رغباته الأنانيّة وانتهاج نهج المسيح، والعيش بإحساس عميق من الانتظار والرجاء على أساس قوّة القيامة.
ولكن ماذا يعني هذا بالنسبة لكنيسة اليوم التي تعيش في عالم معقّد مليء بالمحن والمصائب، خاصّة في منطقة مثل منطقتنا؟ في لبنان على سبيل المثال، نمرّ بأزمة تلو الأخرى. ماذا يعني لنا أن نعرف المسيح بقوّة قيامته بينما نجاهد لإيجاد معنى لما يحدث من حولنا؟ كيف يمكن أن نتحدّث عن الرجاء المستقبلي بالقيامة لمن حولنا اليوم من جياع ومتألّمين ويائسين؟
قوّة القيامة لا معنى لها إذا لم تعطنا القوّة اليوم لتحقيق مقاصد الله كما فعلت لبولس. إنّها بلا معنى إذا لم يكن للرجاء الأخروي الذي نعلنه تأثير على حياتنا الآن.
بينما نتأمّل في القيامة في موسم عيد الفصح هذا، صلاتي هي أن نستمر في انتهاج نهج المسيح، وأن ننمو في معرفته وقوّة قيامته، حتّى نختبر القوّة نفسها اليوم بينما نتعامل مع تعقيدات حياتنا اليومية، وأن نتمكّن من عيش الحياة المقامة على نحوٍ يمنح الرّجاء الحقيقي والملموس للمتألّمين من حولنا.
[1] فيما يتعلق بالجليل والتلمذة، انظر م.د. هوكر، الإنجيل بحسب القديس مرقس 393-394