منتدى الشؤون المعاصرة: مناقشة حول كتاب “المعنى الصحيح لإنجيل المسيح”
يوليو 21, 2020
فصل جديد لخدمة كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة
يونيو 25, 2020

خوض غمار التحديات في سبيل الوصول إلى إطار عملياتي جديد

بقلم وليد زيلع
تموز/ يوليو ٢٠٢٠
الفصل الثّاني

قدم رئيس كليّة اللاهوت المعمدانية العربية، إيلي حدّاد، الشهر الماضي، الأساس المنطقي للشكل الجديد الذي سنقدّم فيه منهجنا وعناصره الرئيسة. ولا شكّ أنّ هذه نقلة جذرية في الوقت الملائم. في مقالته، وعد إيلي بإبقائكم على اطلاع بالمستجدّات إبّان نضوج استكشافاتنا في هذا الإطار. ويمكننا أن نصف مسيرتنا الاستكشافيّة حتّى الآن بأنّها مثيرة للحماس ومحفوفة بالتحديات. لقد تعلّمنا معًا أنّه لم يعد لدينا خيار "انتظار مرور العاصفة" حتّى نتمكن من إعادة تقديم برنامجنا اللاهوتي بشكله التقليدي. دفعت جائحة فيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى سلسلة من الأزمات في لبنان، فريق القيادة وأعضاء هيئة التدريس إلى التفكير استراتيجيًا في الوضع الراهن وما ستكون الخطوة التالية بغية تحقيق رسالة الكليّة. يتطلّع الفريق إلى الوراء بامتنان وتقدير لإرث عمره 60 عامًا في مجال التعليم اللاهوتي في حرم الكليّة بدوام كامل ولكن يخطو نحو إطار عملياتي جديد (معدّل) ينشأ من رحم الأزمات الحالية، والتقدم التكنولوجي السريع، والأهم من ذلك كلّه حاجة العاملين في الخدمة لدراسة اللاهوت.

في هذه المقالة، سأكشف عن بعض التفاصيل الفنية التي ناقشناها حتى الآن. بادئ ذي بدء، ستبدأ السنة الأكاديمية للطلاب الجدد في شباط/فبراير من كلّ عام بإقامة دراسيّة في حرم الكليّة لمدة أسبوعين تليها الموديولات (الوحدات) الأساسية للسنة الأولى، والتي تُقدّم عبر الإنترنت (المستند 1).
الغرض من "المقدّمة التعريفية" داخل حرم الكليّة هو إرساء الأساس من خلال تعريف طلاب السنة الأولى على الدراسة اللاهوتية في كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة، وتشكيلهم في جماعة وفوج من المتعلّمين، ومساعدتهم على رؤية دراستهم من خلال عدسات ملكوت الله وخدماتهم المحلية. أثناء الإقامة الدراسيّة داخل حرم الكليّة، يتعرّف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين على بعضهم البعض لإنشاء علاقة ثقة فيما بينهم ويتعرّفون على رؤية كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة وفلسفتها التعليمية. هذا وسيتم تقديم سلسلة من المهام التمهيدية ليقوم بها الطلاب في مجال منهجية البحث والتفكير النقدي والنزاهة الأكاديمية. علاوة على ذلك، سيُطلب من الطلاب إكمال تقييم الشخصية والمواهب الروحية استنادًا إلى ملف خريج كليّة اللاهوت المعمدانية العربية المثالي. بحلول نهاية المقدّمة داخل حرم الكليّة، يجب أن يكون الطلاب قادرين على إثبات النمو في فهمهم لروحية الكليّة وفهمهم لذاتهم وللآخرين؛ بالإضافة إلى تبني إرسالية الكليّة ورؤيتها وقيمها؛ وتحديد تفرّدهم ودعوتهم وإمكانياتهم.

عندها، يمسون مستعدين لاتخاذ خطوتهم الأولى نحو دراستهم اللاهوتية في كليّة اللاهوت المعمدانية العربية. تتكون السنة الدراسية الأولى، التي تمتد على مدار 16 شهرًا ونيف، من ستّ موديولات (وحدات) أساسية تُقدّم عبر الإنترنت. يتم تدريس كلّ وحدة، باستثناء وحدة مقدّمة في الإسلام (أسبوعان)، على مدى 12 أسبوعًا، باستخدام منصة مودل (Moodle) الإلكترونية كنظام إدارة التعلّم الأساسي. إن الطبيعة التكاملية للوحدات هي حجر الزاوية في المناهج الدراسية في كليّة اللاهوت المعمدانية العربية حيث تندمج العدسات المختلفة الكتابية اللاهوتية والاجتماعية الثقافية واللاهوتية التاريخية والشخصية الخدماتية. وتصل كلّ وحدة إلى ذروتها بمشروع تكاملي رئيس، يستخدم نهج التعلم القائم على حلّ المشكلة (يتم استخدام مشاكل واقع العالم المعقدّة لتعزيز تعلّم المفاهيم النظرية). وتصل السنة الأولى إلى خواتيمها بمقدمة افتراضية للسنوات القادمة حيث يتأمّل الطلاب باقتضاب بمسيرتهم التعلميّة حتّى اللحظة وإلقاء نظرة على ما ينتظرهم فيما تبقى من هذه المسيرة في كليّة اللاهوت المعمدانية العربية.

عند إكمال السنة التأسيسية بنجاح، حيث يتم تخصيص أكثر من 40 بالمائة من الوحدات للتعمق بمعرفة الكتاب المقدّس وتفسيره، يصبح الطلاب مؤهلين للانتقال إلى السنة الثانية. يدرس طلاب السنة الثانية والثالثة والرابعة معًا في سنوات متناوبة أ، ب، أو ج. تتكون كلّ سنة من السنوات الثلاث من فترة مواد اختيارية ووحدتين أساسيتين وثلاث فترات إقامة دراسية داخل حرم الكليّة (المستند 2). في هذه المرحلة من مسيرتهم، سيُطلب منهم حضور فترة إقامة دراسيّة واحدة كلّ عام، وذلك وفقًا للفوج الطلابي والسنة الأكاديمية. هذا يعني أن أولئك الذين هم في عامهم الدراسي الثاني أو الثالث سيحضرون إقامة دراسيّة في تشرين الأوّل /أكتوبر. الإقامة الدراسيّة الخاصّة بأحد الفوجين الطلابيين ستكون خلال الأسبوعين الأولين من تشرين الأوّل/أكتوبر، فيما تكون الإقامة الدراسيّة للفوج الآخر خلال الأسبوعين التاليين. أمّا أولئك الذين هم في عامهم الدراسي الأخير (فوج آخر) سيحضرون الإقامة الدراسية الأخيرة في حزيران/يونيو.
تتضمن السنوات أ وب وج دورة مدتها ثلاث سنوات من الوحدات التكاملية الأساسية. الأساس المنطقي للوحدات التكاملية هو حوار بين رؤية كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة المتمحورة حول الله، الفرد والمجتمع، والقيم السبع الأساسية للكليّة. المحور المقدّم لكلّ وحدة هو موضوع تركيز يحمل في طيّاته رؤيتنا ورسالتنا وقيمنا. كما ذكرنا آنفًا، سوف نقدم وحدتين أساسيتين عبر الإنترنت كلّ عام وفقًا للتسلسل التالي: طبيعة الله، ملكوت الله، الجماعة المتجددة، الكنيسة المرسلة، التلمذة كل الحياة، وتمكين القادة الخدّام.

تبقى الفترة الاختيارية، التي تُعدّ واحدة من الميزات الرئيسة للمنهج الدراسي بعد السنة الأولى، واحدة من أكثر العناصر صعوبة في هذه النقلة. خلال فترة المواد الاختيارية في البرنامج القديم، كان الطلاب يلتقون بمجموعة كبيرة من علماء اللاهوت المعروفين من جميع أنحاء العالم وذلك بمساعدة الترجمة الفورية داخل الصف. مع إطار الدراسة عبر الإنترنت في البرنامج الجديد المعدّل، سيتعذّر التدريس على أعضاء هيئة التدريس غير الناطقين بالعربية. وهنا من الجدير بالذكر أن التدريس في كليّتنا لا يعتمد ببساطة على المحتوى وإلّا كان من الممكن ترجمة المواد إلى العربية وتحميلها على منصتنا. إنّ التكوين الشمولي، الذي يتطلب تفاعل أعضاء هيئة التدريس، وردود فعلهم، وتقييمهم، والعلاقات الشخصية مع طلّابهم، هو محور التركيز الأساسي للتعليم اللاهوتي في الكليّة. غير أنّ أعضاء هيئة التدريس الزائرين سيبقون جزءًا من فترات الإقامة الدراسية للسنتين الثانية والثالثة.

بما أنّ التكوين الشمولي، مع كلّ متطلّباته، هو القوة الدافعة للتعليم اللاهوتي في كليّة اللاهوت المعمدانيّة العربيّة، فإن فترة الإقامة الدراسيّة داخل حرم الكليّة في البرنامج المعدّل هي أمر حيوي لعملية التكوين. بناءً عليه ثمّة حاجة إلى إقامة دراسيّة لمدة أسبوعين في بداية تشرين الأوّل/أكتوبر لطلاب السنة الثانية تليها إقامة أخرى لمدة أسبوعين في نهاية تشرين الأوّل/أكتوبر لطلاب السنة الثالثة. القوة الدافعة لفترة الإقامة الدراسية هي العناصر التكوينية للمنهج التي لا يمكن تحقيقها عبر الإنترنت. فكلّ فترة إقامة دراسيّة هي وقت خلوة روحيّة ننمو فيها معًا روحيًا. وبعبارة أخرى، سيُحبك مفهوم التكوين الروحي في نسيج مختلف الأنشطة التي ستُقام داخل حرم الكليّة في تلك الفترة. علاوة على ذلك، سيتعرّف الطلاب على مجموعة متنوعة من الخدمات المحليّة في لبنان خلال فترة وجودهم في الكليّة، الأمر الذي سيوسّع أفاق منظورهم ويصقل خبرتهم.

سيحضر الطلاب في عامهم الرابع والأخير الإقامة الدراسيّة الختامية قبل التخرج في حزيران/يونيو. تم تصميم الإقامة الدراسية الختامية، في نهاية مسيرة الطلاب في الكليّة، لمساعدتهم على النظر والتأمل في التغييرات التي لاحظوها في أنفسهم منذ بداية مسيرتهم في الكليّة. هذا تمرين حيوي لخدمتهم ما بعد التخرج ولرحلة تعلمية تستمر مدى الحياة.

نحن حاليًا في صدد صياغة المكونات غير الرسمية للمنهج. إنّها الخطوة الأخيرة في التصميم قبل أن نبدأ مرحلة الشروع في هيكلة المضمون والتنفيذ. نحن على وشك الوصول إلى وجهتنا. استمروا في الصلاة لأجلنا فيما نخوض العديد من التحديات في لبنان والعالم العربي. عندما أنظر إلى الوراء، أرى كيف كان الرّب يحضّرنا تدريجيًا لوقت كهذا. بات لدينا معظم قطع الأحجية. نحتاج إلى حكمة الله وإرشاده لكي نجمع هذه القطع معًا بصورة متكاملة!

* هذا هو الجزء الثاني من سلسلة مقالات حول اتجاهنا الجديد.